إذا كنت تبحث عن لحظات هدوء وسط صخب المدينة، أو مكان يمكنك فيه الاسترخاء مع العائلة والأصدقاء بعد يوم طويل، فإن الحدائق القريبة من المسار الأزرق لمترو الرياض تقدم لك فرصة لا تعوض. من مساحات خضراء واسعة وأشجار وارفة، إلى مناطق لعب آمنة للأطفال وأماكن جلوس مريحة، ستجد في هذه الحدائق كل ما تحتاجه لقضاء وقت ممتع ومليء بالنشاط.
في هذا المقال سنأخذك في جولة شاملة لأفضل هذه الحدائق، مع لمحة عن ميزاتها الفريدة ونصائح للاستمتاع بزيارتك على أكمل وجه، لتعرف أي الحديقة تناسب أسلوب حياتك وتفضيلاتك.
حديقة المربع – محطة المربع
تُعد من أبرز المساحات الخضراء في قلب الرياض، فهي تحمل بُعدًا تاريخيًا وثقافيًا كونها تقع بالقرب من قصر المربع ودارة الملك عبدالعزيز، مما يجعلها وجهة تجمع بين الاسترخاء وسط الطبيعة والتعرّف على تراث العاصمة. الزوّار غالبًا ما يثنون على موقعها الهادئ ومجاورتها للمسجد، إضافة إلى أجوائها التي تناسب العائلات والتصوير والتنزه في أوقات المساء.
لكن على الرغم من هذا الزخم التاريخي والطبيعي، فإن الحديقة تعاني من مشكلات متكررة في الصيانة. العديد من المراجعين اشتكوا من تهالك بعض الألعاب، مثل الزحاليق والأراجيح الصدئة، بالإضافة إلى إغلاق دورات المياه لفترات طويلة. كما أشار آخرون إلى تراكم المخلفات بسبب غياب صناديق القمامة أو ضعف الرقابة، الأمر الذي يؤثر على جمالية المكان ويقلل من راحة الزوّار.
في المقابل، هناك انطباعات إيجابية حول الحديقة، حيث يشيد البعض بضخامة الأشجار التي توفر ظلالًا طبيعية رائعة، والمسارات التي تجعلها خيارًا جيدًا للمشي أو الاسترخاء في أوقات الشتاء. كما يراها آخرون متنفسًا آمنًا للأطفال والعائلات، مع بحيرة صغيرة وجلسات مخصصة، ما يعزز قيمتها كوجهة ترفيهية لسكان المنطقة وزائري مركز الملك عبدالعزيز التاريخي.
ورغم التباين الكبير في الآراء، يبقى اتفاق عام على أن حديقة المربع تحمل إمكانيات كبيرة لتكون واحدة من أجمل وجهات الرياض لو حظيت باهتمام أكبر من حيث النظافة، مكافحة البعوض، تنظيم المرافق، والعناية بالألعاب والممرات. فهي تمثل مزيجًا بين التاريخ والطبيعة، وينقصها فقط مستوى أعلى من الصيانة لتظل على قدر تطلعات مرتاديها.
منتزه سلام – محطة قصر الحكم
منتزه السلام في الرياض يُعد واحدًا من أبرز الوجهات الترفيهية التي تجمع بين الطبيعة والأنشطة المتنوعة. الزوار يشيدون بنظافة المكان والعناية الواضحة بمرافقه، من المسطحات الخضراء المظللة بالأشجار إلى البحيرة الواسعة التي تمنح المكان طابعًا ساحرًا. كثيرون وصفوه بالملاذ المثالي للابتعاد عن صخب المدينة، حيث يمكن الاستمتاع بالمشي الهادئ أو قضاء وقت ممتع مع العائلة والأطفال في أجواء مليئة بالراحة والانتعاش.
ما يميز المنتزه أيضًا هو تنوع الأنشطة التي تناسب جميع الفئات العمرية. فهناك ركوب القوارب، القطار الصغير للأطفال، مناطق اللعب المجهزة، إضافة إلى جلسات عائلية أنيقة تحيط بها الخضرة. بعض الزوار وصفوا المنتزه بأنه “أكبر وأجمل حديقة في الرياض” لما يقدمه من ترفيه متكامل يجمع بين البساطة والجمال الطبيعي. كما أن اتساعه يضمن للزائرين الخصوصية ويُبعدهم عن الازدحام، وهو ما يجعله وجهة مثالية للنزهات العائلية الطويلة.
ورغم الإيجابيات الكثيرة، لم تخلُ بعض التعليقات من الملاحظات. فقد أشار البعض إلى وجود زحام شديد أيام العطل والإجازات، وارتفاع أسعار بعض الأنشطة مثل ركوب القوارب. آخرون أبدوا قلقهم من قلة المراقبة في بعض المواقع القريبة من البحيرة، وهو ما قد يشكل خطورة على الأطفال. ومع ذلك، تبقى هذه الملاحظات جزئية مقارنة بما يقدمه المكان من خدمات وتجارب مميزة.
في النهاية، يمكن القول إن منتزه السلام ليس مجرد مساحة خضراء، بل تجربة متكاملة تحمل في تفاصيلها المتعة والاسترخاء معًا. من الأنشطة الترفيهية المتنوعة إلى الأجواء الطبيعية الهادئة، يشكّل المنتزه محطة أساسية للزائرين والمقيمين على حد سواء. لذلك، ينصح به كوجهة عائلية مثالية في قلب العاصمة، حيث يلتقي جمال الطبيعة مع روعة الاهتمام بالتفاصيل.
حديقة الفوطة – محطة البطحاء
حديقة الفوطة تُعد من أقدم الحدائق العامة في الرياض، إذ أُنشئت عام 1957م على أراضي كانت تغطيها بساتين النخيل، تحت إشراف مهندس سوري مستلهمًا تصميم غوطة دمشق، لذلك كانت تُعرف باسم “الغوطة” قبل أن تتحول إلى “الفوطة”. تمتاز الحديقة بمساحتها الكبيرة التي تبلغ نحو 40,000 متر مربع، وتقع في حي الفوطة قرب شارع الخزان وقصر المصمك، ما جعلها على مر العقود متنفسًا طبيعيًا للعائلات والطلاب والرياضيين، كما تحمل ذكريات لا تُنسى للكثير من رواد الرياض القدامى.
بعد إعادة تأهيلها عام 2008 برعاية الأمير عبدالعزيز بن عياف، شهدت الحديقة تطويرًا كبيرًا شمل إزالة الأسوار، وزراعة مسطحات خضراء، وتركيب نظام ري حديث، إضافة إلى إنارة جمالية وممرات مشاة بطول 872 مترًا وعرض 4.7 متر. كما أُضيفت ملاعب رياضية، مناطق للأطفال، مرافق خدمية مثل دورات مياه وبوفيه، ومسرح ثقافي ومرسم فني جذب الفنانين المحليين لعقود. هذه التجديدات جعلت الحديقة مكانًا أكثر جذبًا للعائلات ومحبي الأنشطة الخارجية.
تضم حديقة الفوطة مرافق متعددة تناسب جميع الأعمار، من ملعبين صغيرين للأطفال مجهزين بمنزلقات وأرضيات رملية، إلى ملعب كرة قدم صغير وساحة كرة سلة، بالإضافة إلى مضمارين للجري ومسجد صغير، كما تتوفر أكشاك لبيع العصائر والآيس كريم والمأكولات الخفيفة. ويُقدر الزوار قرب الحديقة من المطاعم ومحلات الفواكه المجففة والشوكولاتة، ما يجعل التجربة متكاملة للاستمتاع بالنزهة أو ممارسة الرياضة اليومية.
ورغم مميزاتها التاريخية والخدمية، تشير بعض التعليقات إلى وجود تحديات مثل الازدحام، خصوصًا في عطلات نهاية الأسبوع، وحاجة بعض المناطق للصيانة والنظافة المستمرة، بالإضافة إلى ضرورة توفير مقاعد مريحة وتحسين تطبيق قواعد منع التدخين. ومع ذلك، يظل معظم الزوار يعتبرون حديقة الفوطة وجهة رائعة للنزهات العائلية، والاسترخاء، وممارسة الأنشطة الرياضية، محافظين على مكانتها كأيقونة تاريخية وطبيعية في قلب الرياض.
حديقة العود – محطة العود
حديقة العود تعتبر واحدة من الوجهات المميزة في قلب البطحاء، حيث توفر متنفسًا طبيعيًا وسط المدينة. يتميز المكان بالخضرة الكثيرة والأشجار الكبيرة، مع مساحات عشبية واسعة توفر جوًا هادئًا للزوار. تتوفر في الحديقة مناطق لعب للأطفال، بما فيها أراجيح ومنزلقات، بالإضافة إلى دورات مياه ومقاعد للجلوس، مما يجعلها مناسبة لقضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء، كما يشير العديد من الزوار إلى أنها مكان شاعري ومريح للاسترخاء.
رغم ذلك، يلاحظ بعض الزوار أن الحديقة تحتاج إلى اهتمام أكبر بالنظافة، خاصة في بعض الأوقات حيث تتجمع القمامة ويظهر سوق شعبي ملاصق لها. هناك أيضًا شكاوى من بعض السلوكيات المزعجة من الزوار، مثل اللعب بالدراجات النارية أو سلوكيات غير لائقة للأطفال، والتي قد تؤثر على تجربة الزائرين، إلا أن هذه الحالات لا تمثل غالبية مرتادي الحديقة.
الموقع الاستراتيجي للحديقة يعد من نقاط قوتها، فهي محاطة بأربع شوارع، ويتوفر أمامها مسجد، مما يسهل الوصول إليها من مختلف أنحاء المدينة. كما أن بعض الزوار أشادوا بوجود أماكن لبيع الأطعمة الشعبية والخضروات والفواكه بجوار الحديقة، ما يضيف بعدًا آخر للزيارة ويجعلها مناسبة لقضاء يوم كامل خارج المنزل.
من أبرز مزايا الحديقة أيضًا الأمان بعد تركيب الإنارة والكاميرات، حسب بعض التعليقات، مما يجعلها مكانًا مناسبًا للزيارات المسائية. بالرغم من بعض التحديات، مثل الروائح أحيانًا أو وجود بعض الكلاب، إلا أن الحديقة تظل مكانًا جميلًا للاسترخاء، والتمتع بالأنشطة الخضراء، ومناسبة للعائلات والأطفال، وتستحق الزيارة لمن يبحث عن متنفس هادئ داخل المدينة.